وفي هذا الإطار، نظمت وزارة الصحة ندوة علمية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية ودار الافتاء القمرية في مقر الأخير، صباح يوم السبت 21 أكتوبر الجاري، حضره نحو 60 إماما وداعيا وخطيبا، بحضور رئيس الرابطة الخيرية القمرية الدكتور عبد الحكيم محمد شاكر، والأمين العام لدار الافتاء الأستاذ إسماعيل عليمان والدكتور نصيف إبراهيم ممثل وزارة الشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى نائب ممثل مكتب اليونيسيف في موروني  إيمانويل كوليه، ومدير صحة الأسرة الدكتور صالح عبد المجيد، ومسؤولة إدارة التغذية الوطنية بوزارة الصحة  فاطمة حاجي، وعدد من موظفي وزارة الصحة

وفي كلمته لافتتاحية، أكد الأمين العام بدار الافتاء بأن الهدف من الندوة هو العمل على توعية الأئمة والخطباء على القيام بدورهم الرئيسي في توعية المواطنين من الأمهات والآباء حول أهمية الرضاعة الطبيعية، وذلك برضاعة المولود الجديد على لبن الأم بدلا من الرضاعة الاصطناعية. وطالب الأستاذ إسماعيل عليمان من الخطباء باستخدام خطبة الجمعة في جميع منابر جزر القمر لتوعية القمريين حول أهمية الرضاعة الطبيعية ودورها في تعزيز نمو الطفل، وذلك انطلاقا من قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)

أما الدكتور عبد الحكيم محمد شاكر فقد أكد في كلمته، أن رضاع الطفل من حليب أمه يعتبر واجب ديني وقضائي في الإسلام ، وأن الرضاعة الطبيعية مذكورة في القرآن بقوله (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ..). موضحا أن الرضاعة الطبيعية واجب من يوم الولادة وحتى الأشهر الستة الأولى، وهو أمر ضروري بالنسبة للطفل للاستفادة الكاملة من فوائد هذا الحليب

كما بين الدكتور عبد الحكيم أهمية الرضاعة للأم والطفل من الساعة الأولى للولادة الطبيعية. وقال بأن الإسلام دين الفطرة، فقد أولى لموضوع الرضاعة الطبيعية أهمية قصوى، واعتبرها عملية فطرية يزرعها الله في قلب كل أم تجاه طفلها مصداقا لقوله تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه). كما يعتبِر الإسلام الرضاعة وسيلة لتوثيق أواصر العطف والحب بين الرضيع ومرضعته، ومن ذلك قوله تعالى (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت)

 ومن جانبها، قدمت فاطمة حاجي ورقة عمل، خلال الندوة، حول أهمية الرضاعة الطبيعية ودورها في تعزيز نمو الطفل وتقوية المناعة لما تحتويه من عناصر غذائية أساسية ورئيسية لصحة الطفل، وتنمية مداركه الذهنية والصحية والبدنية وسلوكه وسلامته من الأمراض المعدية .واستعرضت في ورقتها العناصر الطبيعية الموجودة في حليب الأم والتي تحتوي على مادة طبية مهدئة استفاد منها الطب الصيدلاني من ابتكار بعض أصناف الأدوية التي تساعد على الاستقرار النفسي للأطفال

وقالت "هناك اعتقاد خاطئ واسع الانتشار، بأن فوائد الرضاعة الطبيعية تنطبق فقط على البلدان الفقيرة، ويظهر عملنا بوضوح أن الرضاعة الطبيعية تنقذ الأرواح والمال في كل بلد غني أو فقير، وأن فوائد الرضاعة الطبيعية تؤثر على جميع الأطفال في أنحاء العالم". موضحة أن فوائد حليب الأم تصل إلى الأطفال في كل من البلدان الغنية والفقيرة، على الرغم من أن وفيات الرضع أعلى في البلدان الأقل نموا

وقالت بأن الدراسات العلمية القديمة والحديثة أثبتت الأهمية البالغة للرضاعة الطبيعية مقارنة بالرضاعة الاصطناعية، حيث تَعتبِر منظمة الصحة العالمية الرضاعة الطبيعية أهم وأنجع وسيلة لتوفير الغذاء المناسب الذي يمكّن الرضّع من النمو والنماء بطريقة صحية، كما تعتبرها عنصرا أساسيا في العملية الإنجابية نظرا لانعكاساتها الإيجابية على صحة الأمهات، ويعود السبب في ذلك إلى توفر حليب الأم على العناصر التي يحتاجها الرضيع من طاقة وعناصر مغذية تساهم في نمائه الحسّي والمعرفي وفي حمايته من الأمراض المعدية والمزمنة

كما ترى المنظمة أن الاقتصار على الرضاعة الطبيعية يساهم في الحد من وفيات الرضّع الناجمة عن أمراض الطفولة الشائعة، مثل الإسهال أو الالتهاب الرئوي، ويساعد على الشفاء من الأمراض بسرعة. كما تساهم في تعزيز صحة الأمهات، وتحدّ من مخاطر الإصابة بالسرطان المبيضي أو سرطان الثدي، وفوق هذا وذاك تُعتبَر الرضاعة الطبيعية من الوسائل الغذائية الآمنة التي لا تضرّ بالبيئة