logo Al-Watwan

Le premier journal des Comores

دور الكتاتيب القرآنية في الحفاظ على هوية المجتمع

دور الكتاتيب القرآنية في الحفاظ على هوية المجتمع

Bain de lavey rencontre Sexe cambrai |  | ---

image article une
إن الاحتفال بالعام الهجري الجديد 1446 يوم الاثنين الماضي تمثل في إقامة نشاطات كثيرة من قبل المدارس القرآنية في مختلف أنحاء البلاد. وبالرغم من أن تلك المدارس كثيرة وتلعب بلا شك دورا كبيرا في الحفاظ على ثقافة وأخلاق المجتمع، ولكن كثيرا منها تعمل في حالة مزرية وتحتاج إلى دعم مادي ومعنوي لتتمكن من تحقيق أهدافها المرجوة.

 

وفي هذا الإطار، فإن مجموعة دعاة وخطباء جزر القمر تدعو كافة الدعاة والخطباء القمريين في أنحاء البلاد بالمشاركة في اجتماعها السنوي المزمع إقامته يوم الأحد القادم الموافق 14 يوليو في الجامع الكبير بمدينة مدي من الساعة الثامنة صباحا والذي سيقام تحت عنوان "دور الكتاتيب القرآنية في الحفاظ على الهوية الإسلامية في جزر القمر

لذلك، فإننا سنناقش اليوم حول موضع دور الكتاتيب القرآنية في الحفاظ على هوية المجتمع القمري

وفي البداية، تجدر الإشارة بأن الكتاتيب القرآنية كانت منذ قترة طويلة بمنزلة المدارس الابتدائيّة في عصرنا الحاضر، وكان لها أكبر الأثر في الحفاظ على اللغة العربية والتربية الإسلامية وانتشارها بين أفراد المجتمع، إذ كان التلاميذ يتعلّمون فيها القراءة والكتابة العربية والقراءة الصحيحة للقرآن الكريم، كما كان الأطفال يتلقّون في هذه الكتاتيب تعاليم الدين الأساسيّة، فيتعرفون على أركان الإسلام ومعنى الإيمان، ويتعلّمون كيفيّة الوضوء والصلاة، إضافة إلى ذلك كان الأطفال يستمعون فيها لجملةٍ من مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الكرام

وفي العصر الحديث، بدأ دور الكتاتيب يضعف، وأصبحت المدرسة العامّة الفرنسية تحل محلّ الكتاتيب ووصل الأمر إلى إهمال العربيّة مقابل الاهتمام المبالغ به باللغات الأجنبيّة، ممّا هدّد العربيّة بالضياع

ولكن مع ذلك فقد بقي مجتمعنا القمري يحافظ على كتاتيب القرآن الكريم ويحرص على إرسال أبنائه إليها بعد العودة من المدارس الرسميّة أو في الصيف في العطلة المدرسيّة الطويلة، وقد كان للكتاتيب دور كبير في الحفاظ على اللغة العربيّة وتعليم القرآن ومبادئ الدين والسيرة النبويّة

وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الكتاتيب القرآنية في بلدنا، وانتشار الفتن في المجتمعات انتشار النار في الهشيم، فإنّ الإنسان المسلم الغيور على دينه يقف حائرًا وتائهًا متسائلًا: أين السبيل؟ وأين النجاة؟ لا يدري أيّ وجهةٍ يسلكها، وأيّ طريقة ينهجها، ثمّ سرعان ما يتجلّى له ذلك النور الذي لا ينطفئ، ويبصر وجهته التي لا يضلّ فيها، ألا وهي وجهة القرآن الكريم، فيسارع إلى رحابِهِ ليتفيّأ من ظلاله ويقتبس من أنواره، متدبّرًا قوله تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتّبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} [سورة المائدة: الآية 16] مدركًا أن لا شيء أعظم من كتاب الله تعالى، فيجتهد في تدارسِهِ والتهيُّؤ لخدمته، عاملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» وإنَّ تعلّم القرآن الكريم وتعليمَهُ لا يتحقّقُ أوّلًا إلا بالتمكّن من قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [سورة العلق: آية 1]، فالقراءة والكتابة مفتاح تعلّم كتاب الله تعالى، وذاك هو العلم الذي يُنتفع به، ويرتقي المرء به من مرتبة الأخذ والتعلّمِ إلى منزلة العطاء والتعليم والإنفاق ممّا علّمه الله

والحقيقة أنّ القرآن الكريم والحرص على تعلّمه هو سرّ وجود الكتاتيب وانتشارها في المجتمعات المسلمة. وإنّنا إذا ما رجعنا إلى تاريخنا الإسلامي نجد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان المعلّم الأوّل لأصحابه، يحثّهم على طلب العلم ويُقرِئُهم القرآن الكريم، ثمّ كان يُقرِئُ بعضُهم بعضًا، ويحثُّ كلَّ واحدٍ منهم على تعلّم القراءة والكتابة، بل إنّه صلى الله عليه وسلم جعل التعليم مساويًا للحريّة، حيث جعل فداءَ بعض أسرى بدر ممّن لا مال لهم أن يعلّم الواحد منهم عشرةً من الغلمان الكتابةَ فيُخلّى سبيلُهُ

وفي الختام، ندعو الله عز وجل أن يوفقنا لخدمة الإسلام والمسلمين من خلال خدمة الكتاتيب الإسلامية التي تلعب دورا كبيرا في محو الأميّة وربط المتعلّمين بكتاب الله، وتنوير عقولهم وصقل ألسنتهم منذ الصغر، وبالله التوفيق

محمد حسين دحلان

باحث في الشريعة الإسلامية

وخطيب في جوامع موروني

تعليقات