وكان الرئيس الكيني قد وصل إلى ساحة الاستقلال في الساعة الثامنة وخمس دقائق، وذلك قبل وصول رئيس الدولة في الساعة الثامنة وثلاث وعشرين دقيقة. وبعد وصول الرئيس غزالي إلى الساحة، قام بتحية مختلف الوحدات العسكرية، قبل بدء فعاليات الحفلة بصفة رسمية. وقد بدأ الحفلة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، تلتها كلمة قصيرة لسماحة المفتي الشيخ أبو بكر سيد عبد الله جمل الليل أكد فيها على أهمية الشكر على نعمة الحرية والاستقلال، داعيا الشباب إلى العمل على محافظة مكتسبات الدولة وخاصة الأمن والاستقرار
وألقى رئيس بلدية موروني عبد الفتاح سيد محمد كلمة رحب فيها جميع الحاضرين في الذكرى الثامن والأربعين لاستقلال البلاد. وبعد الكلمة الترحيبية، قام فخامة رئيس الجمهورية بتقليد الرئيس الكيني وليام روتو وسام الشرف برتبة الهلال الأخضر القمري -والذي يعتبر أعلى وسام في جزر القمر- وذلك تقديرا وتثمينا لجهوده في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين
ولأول مرة في تاريخ البلاد، يقوم رئيس أجنبي بإلقاء كلمة أمام الشعب القمري والمجتمع الدولي بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني، حيث ألقى الرئيس الكيني كلمة، أكد فيها على متانة العلاقات الثنائية التي تربط البلدين الصديقين. شكرا "صديقه" غزالي بدعوته لحضور ومشاركة القمريين في الاحتفال بالذكرى الـ48 لاستقلال جزر القمر. وأكد وليام روتو بأن "كينيا وجزر القمر تربطهما علاقات تاريخية وقيم مشتركة منذ زمن بعيد"، مشيرا إلى توقيع اتفاقية تعاون عام بين البلدين، مما يمهد الطريق لإنشاء لجنة تعاون مشتركة تهدف إلى تسهيل التعاون الثنائي بينهما في مختلف المجالات
وتعهد الرئيس الكيني بدعم جزر القمر في جميع المجالات وفي جميع المحافل الدولية، مشيرا إلى أن "كينيا تقف إلى جانب جزر القمر كمتعاون نشط في جهودهم، ولاسيما من خلال تسهيل التنقل بين مواطني البلدين، وتشجيع الاستثمار وتبادل خبراتنا في السياحة المستدامة". وأضاف قائلا "ستكون كينيا خلفك لتجعل جزر القمر تتألق في العالم، نحن نتشارك في نفس التحديات ويجب أن نعمل معا للتغلب عليها"
إلغاء تأشيرات الدخول بين كينيا وجزر القمر لتعزيز التعاون الثنائي
وأكد الرئيس وليام روتو في كلمته بضرورة تعزيز التجارة البينية بين نيروبي وموروني، مع تشجيع حرية التنقل بين البلدين. متعهدا بإلغاء تأشيرات الدخول لمواطني جزر القمر الذين يرغبون بالسفر إلى كينيا، قائلا "أؤكد لكم أن كينيا ستلغي التأشيرات للمواطنين القمريين المسافرين إلى كينيا بحلول نهاية عام 2023، وجميع القمريين مرحب بهم في كينيا"، كما وعد بتقديم منحة دراسية للطلاب القمريين للدراسة في كينيا، وقال "سنقدم 100 منحة دراسية لتمكين الطلاب القمريين من القدوم والدراسة في كينيا، مؤكدا أن الطلاب القمريين الموجودين في كينيا سيدفعون الرسوم الدراسية مثل الطلاب الكينين". كما هنأ الرئيس الكيني نظيره القمري لتوليه رئاسة الاتحاد الافريقي في الدورة الحالية 2023م، مؤكدا بأن كينيا ستواصل دعمها ومساندتها لجزر القمر من أجل نجاحها في رئاسة الاتحاد الافريقي
ومن جانبه، تحدث الرئيس غزالي عثمان في كلمته عن العلاقات الطيبة التي تربط جزر القمر وكينيا، مؤكدا أهمية تعزيز التعاون الثنائي بينهما. وقال بأن كينيا ليست فقط "دولة مجاورة تربطنا معها علاقات صداقة وأخوة وتعاون منذ قرون فقط، ولكن هناك أيضا العديد من التبادلات الدينية والثقافية والرياضية والتجارية بين البلدين"
شكرا نظيره الكيني -الذي وصفه بالصديق الحميم- على موافقته لمشاركة الشعب القمري في احتفالاتهم بالذكرى الثامن والأربعين لاستقلال جزر القمر، وقال بأن هذا يدل على الأخوة التي تجمعهما منذ أزل بعيد، معلنا بأن مواطني كينيا بإمكانهم "دخول جزر القمر بدون تأشيرات"، وذلك في إطار المعاملة بالمثل بعد إعلان وليام روتو إلغاء تأشيرات الدخول للقمريين إلى كينيا مع نهاية العام الميلادي الجاري
وقدم غزالي عثمان شكرا خاصا إلى الرئيس الكيني على دعمه للحصول على رئاسة الاتحاد الافريقي وذلك بعد سحب ترشيحه في هذا المنصب وإتاحة الفرصة للرئيس غزالي لانتخابه كمرشح واحد، حيث قال لقد حصلنا على رئاسة الاتحاد الافريقي بدعم كبير من صديقي وأخي الرئيس وليام روتو وهذا أمر كبير بالنسبة لي يجب الإشادة به. كما شكر فخامته جميع المشاركين في الاحتفال بالعيد الوطني خاصة الجنرالات الفرنسيين والملغاشيين، وكذلك القسم الموسيقي للجيش الكيني والقوات التنزانية والملغاشية الذين جاؤوا لمشاركة إخوانهم العسكريين من جزر القمر في احتفالاتهم بالعيد الوطني الثامن والأربعين
تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت في الاقتصاد العالمي
وذكر رئيس الجمهورية في خطابه المكانة التي تحتلها بلادنا اليوم في المحافل الدولية بعد رئاسته للاتحاد الافريقي. مقدما لمحة عامة عن الأحداث المختلفة التي شارك فيها منذ توليه رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذلك القادة الذين التقوا بهم وبحث معهم الحلول المناسبة للحروب والنزاعات التي تشهدها العالم والقارة الأفريقية في الوقت الراهن. وأشار الرئيس غزالي إلى أنه قاد وفد رؤساء بعض دول القارة لزيارة روسيا وأوكرانيا للعمل على وضع حد للحرب الدائر هناك، والذي أثر الاقتصاد العالمي خاصة في القارة السمراء
وسلط الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي الضوء على جهود الحكومة القمرية لمحاربة البطالة لدى الشباب وقال "خلال عامي 2018-2022، تم إنشاء 1825 شركة، 25% منها كان يقودها أشخاص تقل أعمارهم عن 40 عاما، مما أدى إلى توفير نحو 2027 وظيفة". كما تطرق إلى الحديث عن "تطوير البنية التحتية في البلاد وذلك في مجال إنشاء الطرق والموانئ والمطارات ومستشفى المعروف"
ومن ناحية أخرى، تحدث الرئيس غزالي عن الأوضاع السياسية في البلاد وخاصة الانتخابات الرئاسية وحكام الجزر في عام 2024 وكذلك انتخابات أعضاء مجلس الشعب في عام 2025م، داعيا جميع المواطنين من مختلف انتمائهم السياسية للمشاركة في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وقال "إنني أدعو مرة أخرى جميع الفاعلين السياسيين في بلادنا، من الحركة الرئاسية والمعارضة والمجتمع المدني، لمشاركة الحكومة في تحضير الانتخابات الرئاسية ومحافظي الجزر لعام 2024، وكذلك الانتخابات التشريعية لعام 2025"
وفي نهاية كلمته، تطرق رئيس جمهورية إلى الحديث عن قضية الاحتلال الفرنسي غير القانوني لجزيرة مايوت القمرية، خاصة عملية "وومبوشو" التي تقوم بها فرنسا مؤخرا في الجزيرة المحتلة، معربا عن أسفه الشديد لهذه العملية قائلا "إنني أستنكر بشدة العملية الأخيرة التي تنفذ في جزيرة مايوت القمرية، في انتهاك صارح للقانون الدولي وحقوق الإنسان" وأضاف غزالي عثمان "بينما يسعى المجتمع الدولي إلى توطيد السلام والاستقرار في عالم يواجه العديد من التحديات، فإن عمليات مماثل عملية "وومبوشو" تجري في جزيرة مايوت المحتلة. مؤكدا أن "العنف لم يكن حلا أبدا، وأنه يفضل الحوار بين فرنسا وجزر القمر لتسوية هذه المشكلة بين الطرفين"
