وبعد مداولاتٍ استمرت لثلاثة أيام في الرياض، وعلى فترتين صباحية ومسائية بمشاركة كبار علماء وفقهاء العالم الإسلامي ودول الأقليات، اختَتمت الدورة الثالثة والعشرون للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي أعمالها، بإصدار عددٍ من البيانات والقرارات بخصوص مجموعة من القضايا والمستجدات بعد دراستها دراسةً وافيةً وشاملةً وتداول الرأي حولها وَفقًا لمنهجية علمية مُنضبطة على أيدي علماء وخبراء متخصِّصين في مختلف المجالات
ورفع الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، نائب رئيس المجمع الفقهي الإسلامي، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الشكرَ الجزيلَ على الحفاوة والتقدير الكبير لعلماء الأمة الإسلامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظهما الله وأجزل مثوبتهما على ما قدما ويقدمان للإسلام والمسلمين، مثمِّنًا الجهود التي بذلها مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها واللجنة العلمية والباحثون والخبراء وما قدموه لإنجاح هذه الاجتماع الفقهي المهم
يذكر أن القرارات شملت "المتاجرة في العملات عبر الوسائل الحديثة بما في ذلك المنصات الإلكترونية"، و"إثبات رؤية الهلال عن طريق تقنية (كاميرا سي سي دي)"، وهي عبارة عن كاميرا متطورة تُرَكَّب على التلسكوب، وتُستخدم في التصوير الفلكي، وكذلك "تحميل الجاني تكاليف علاج المجني عليه"، وكذلك قرار بخصوص الذكاء الاصطناعي. واستهلَّت الجلسة الافتتاحية للدورة أعمالها بكلمة لسماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية، أكد فيها أنَّ "الفقه الإسلامي بما يشتمل عليه من الأصول العامَّة، والقواعد الكلية، والثروة الضخمة من الفروع الفقهية، والفتاوى، والبحوث في مختلف الموضوعات التي أورثها الأسلاف، من شأنه أن يثمر لدى المتضلِّع منه من فقهاء عصرنا مرونةً واسعة وأفقاً رحباً في النظر إلى واقع أمته، وما يستجد فيه من قضايا ونوازل، ويمنحه قدرة على دراستها وفهمها ومعالجتها من الوجهة الشرعية، ليرفع بذلك الحرج والمشقة عن بني جنسه"
وشدَّد سماحته على أن المسؤولية على علماء الشريعة وفقهاء الإسلام أصبحت اليوم مضاعفة في ظل تطور تقنية المعلومات، ووسائل الاتصال الحديثة، وانتشار البث الفضائي ومواقع التواصل التقني والمعلوماتي، مبيناً سماحته أنَّ "المسائل الشرعية والأحكام الفقهية تواجه تحدياتٍ كبرى، تحتاجُ معها من أهل التخصص إلى جهود نوعية من البحوث الدقيقة والدراسات القويمة، تقدم حلولاً ومعالجات للمستجدات والمشكلات التي مسَّت الأفراد والمجتمعات، وتضبط ممارستها ونشرها، وترشد إلى توظيف التقنية الحديثة في التعاون والتنسيق بين جهات الإفتاء المختلفة من الأفراد والهيئات والمجامع"
وحثَّ المفتي العام على بذل المزيد من الجهود في إطلاق البرامج الهادفة، والمبادرات النافعة، التي تساعد في التنسيق والتعاون المثمر بين الفقهاء والمفتين، والهيئات الشرعية، والمجامع الفقهية، في تناول المسائل الشرعية ودراسة النوازل المعاصرة والأحكام المستجدة، وفق اجتهاد جماعي في إطار مؤسسي معتمد موثوق، يقرِّب الرأي، ويُضيِّق من شقة الاختلاف، ويراعي مصالح الجميع، بما يحقق للشعوب المسلمة الحياة الهنيئة السعيدة، ويخدم قضاياها ويحل مشكلاتها، ويعزز للمجتمعات والأوطان طمأنينتها واستقرارها
وجدير بالإشارة إلى أن المجمع الفقهي الإسلامي هو عبارة عن هيئة علمية إسلامية ذات شخصية اعتبارية مستقلة، داخل إطار رابطة العالم الإسلامي، مكونة من مجموعة مختارة من فقهاء الأمة الإسلامية وعلمائها. ويهدُف المجمع إلى تشجيع البحث العلمي في مجالات الفقه الإسلامي، وبيان الأحكام الشرعية، فيما يواجه المسلمين في أنحاء العالم من مشكلات ونوازل وقضايا مستجدة من مصادر التشريع الإسلامي المعتبرة، ونشر التراث الفقهي الإسلامي وإعادة صياغته، وتوضيح مصطلحاته وتقديمه بلغة العصر ومفاهيمه. كما يهتم "المجمع الفقهي الإسلامي" ببيان الأحكام الشرعيَّة التي تُواجِه المسلمين من مشكلاتٍ ونوازل، وإبراز إبداع الفقه الإسلامي، إضافةً إلى نشر التُّراث الفقهيِّ الإسلاميِّ وتوضيح مصطلحاته بِلُغَة العصر